الخطاب الأميري الذي ألقاه سمو رئيس مجلس الوزراء في افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة | ||
27 أكتوبر 2009 | ||
أما بعد ، وقد شرفني اليوم حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه ، بإلقاء الخطاب الأميري بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني للفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة الموقر ، فإني أتوجه إلى الشعب الكويتي الوفي الغيور بأسمى وأطيب مشاعر الود والمحبة الخالصة ، مؤكدا التزامنا الصادق بمواصلة العمل والسهر من أجل رفعة وتقدم ديرتنا الغالية وأهلها المخلصين .
إن خير ما نستهــل به لقــاء اليــوم أن نحمد رب العالمين ونشكــره على ما وهبنا من نعم الدين والدنيا ، وأن نستدعي الله في قلوبنا، ونتقيه في نفوسنا ، وفي وطننا ، لنكون بعونه ورضاه من الفائزين بما أوجبه علينا سبحانه وتعالى من التكاتف والتعاون والاجتماع على المصلحة العامة ، فإن في الاجتماع تتوحد الكلمة ، وتتفق الآراء وتتحقق المكاسب ، وإن اختلفنا وتفرقنا تدخل الأمور في مهب الأهواء . الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر إن أمامنا جميعا عملا شاقا ومهمات جساما إزاء هذه المرحلة الصعبة بتحدياتها الداخلية والخارجية ، وهو ما يستوجب أن نكون على يقظة من الغفلة والاندفاع غير المحسوب في ممارسة كل لدوره المسئول في ترسيخ الثوابت الوطنية وتكريس دولة القانون والمؤسسات ، والعمل الجاد من أجل مصلحة الوطن والمواطنين ، وإننا إذ نستذكر مسيرة الآباء والأجداد ، ونسترجع الخبرة التاريخية للمجتمع الكويتي ، فإننا نتلمس فضائل ومآثر التآخي والتراحم والمثابرة والعزيمة الجامعة ، ونستشعر الرفض القاطع لأي فرز طائفي أو قبلي أو فئوي ولكـل مظهــر غريب عما جبــل عليه هذا المجتمع عبر الزمن . الأخ الرئيس الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين ..... لقد حفلت الفترة التي فصلتنا عن دور الانعقاد الأول بالعديد من الجهود والإجراءات العملية في مواجهة الأحداث الطارئة وتلبية الحاجات التنموية الضرورية ، ولعل أبرزها :- أولا ـ استنفار مختلف المؤسسات والأجهزة المعنية في الكويت لمواجهة وباء أنفلونزا الخنازير ، واتخاذ الإجراءات والتدابير التنفيذية اللازمة في تفعيل نظم الإنذار المبكر للمرض وتوفير جميع المتطلبات اللازمة للوقاية والتشخيص والمكافحة والعلاج بما فيها توفير الأجهزة الطبية والأدوية وتأمين وسائل منع العدوى وحماية المواطنين من مخاطر هذا الوباء ، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وسائر الدوائر المتخصصة ، إلى جانب النجاح في انتظام الطلاب في العام الدراسي ، وهو ما يستوجب الإشادة بهذه الجهود الطيبة ومساندتها في تحقيق أهدافها المنشودة . ثانيـا ـ لقد احتل موضوع قروض المواطنين اهتماما واضحا من الحكومة ، وقد وضعت له المعالجات السليمة من خلال صندوق المتعثرين الذي جاء استنادا إلى أسس موضوعية ومهنية تحقق احتياجات ما يواجه بعض المواطنين من صعوبات في سداد التزاماتهم المالية ، وذلك دون الإخلال بمبدأ العدالة الذي نص عليه الدستور كأحد المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي ، وبمراعاة كافة الاعتبارات ذات الصلة بهذه المسألة . ثالثا ـ إثر تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على الواقع المحلي ، برزت مشكلة تسريح بعض المواطنين العاملين في بعض شركات ومؤسسات القطاع الخاص ، وقد تم اتخاذ الخطوات والإجراءات الكفيلة بمعالجة هذه القضية على نحو إيجابي يؤدي إلى تجنيب المتضررين وأسرهم مضاعفات هذه الأزمة وآثارها . رابعا ـ شهد شهر أغسطس الماضي حادث خلل أصاب محطة مشرف للضخ والصرف الصحي ، وقد سارع مجلس الوزراء بتكليف لجنة للتحقيق في الحادث وملابساته وتحــديد أسبابه وبيان أوجـه القصور والمسئولين عنه، وقد بوشر باتخاذ الإجراءات المناسبة لإحالة تقرير اللجنة بجميع أوراقه ومشتملاته إلى النيابة العامة ، للتحقيق في شأنه ، كما يتم اتخاذ الإجراءات الإدارية التأديبية بشأن ما أورده التقرير في خصوص الموظفين والعاملين بالوزارة لمحاسبتهم على جوانب التقصير التي شابت عملهم في هذه الحادثة . خامسا ـ في إطار الحرص على توفير السبل المساندة لدعم مستوى المعيشة لدى المواطنين ، فقد تم تأسيس بنك وربة كشركة مساهمة كويتية تزاول المهن المصرفية وفق أحكام الشريعة الإسلامية ، برأس مال قدره مائة مليون دينار كويتي ، تخصص أسهمها بنسبة (24%) للهيئة العامة للاستثمار و (76%) تخصص كمنحة لجميع المواطنين ، وبحيث تتحمل الدولة هذا الاكتتاب نيابة عنهم . هذا ، وبصدد المرحلة القادمة ، وحرصا من الحكومة على الوفاء بالتزامها ، فقد تقدمت ببرنامج عملها للفصل التشريعي الثالث عشر إلى مجلس الأمة ، وهو يمثل عملا منهجيا للتعامل مع أولويات التنمية الشاملة ، والمتوازنة في مختلف الميادين ، وذلك في ضوء الرؤية الإستراتيجية للدولة – كويت 2035 – " نحو تحويل الكويت " إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار ، يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي ، ويشجع فيه روح المنافسة ، ويرفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز مؤسسي داعم ، ويوفر بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة أعمال مشجعة " . الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر إن الواقع الإقليمي والدولي يشهد من التطورات والمتغيرات ما ينبيء بالمزيد من التوتر والتصعيد ، ولا يخفى ما يترتب على ذلك من تداعيات وانعكاسات أمنية وسياسية واقتصادية لسنا بمعزل عنها ، الأمر الذي يفرض علينا أن نلتزم اليقظة والحذر ، وأن نتخذ كل السبل والإمكانات لحماية بلدنا والحفاظ على أمنه واستقراره ، وأن تتضافر كافة الطاقات والجهود لصيانة وحدتنا الوطنية والتي ستبقى دوما الحصن الحصين لأمن وأمان مجتمعنا ، كما هو صرح العدالة في الكويت مبعث فخر واعتزاز لكل أهل الكويت ، والحكومة لا تألو جهدا في دعمه والحفاظ على مكانته المشهودة . الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر إن برنامج عمل الحكومة لم يغفل صور التعامل مع التطورات والمستجدات العالمية وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحلية في ظل المعطيات الحاصلة ، فهذا البرنامج يشكل ثمرة جهود ومساهمات الأجهزة الحكومية متضافرة في إعداده وفق سياسات الخطة الخمسية التي تعكس آفاق الدولة وتطلعاتها التنموية وقدرتها على الإنجاز بما يتوافق مع موارد الميزانية العامة للدولة ، وهو ما استوجب توصيفا دقيقا لاحتياجات تنفيذ المشاريع من متطلبات تشريعية ومالية ومؤسسية واستشارية وجداول زمنية محددة ، ولقد حمل البرنامج ، بجوانبه التنفيذية المختلفة جملة آليات ونظم فعالة للمتابعة والقياس وتقييم الأداء التنموي ، على نحو يكفل إعداد البيئة والمقومات اللازمة للإنجاز . هذا ، ويجدر التنويه إلى التوجه الذي توليه الحكومة كل الاهتمام من أجل إشراك القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات برنامجها ، مؤكدة على الالتزام بالقواعد والأسس القانونية في هذا الشأن بما يلبي متطلبات الجهات الرقابية ، ويضمن بالتالي سلامة كافة الإجراءات والتعاقدات والبعد عن أي مخالفة أو شبهة . الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر إننا ندعو الجميع إلى تجاوز سلبيات التجربة السابقة ، بما شهدت من هبوط في الخطاب السياسي بمفرداته وعباراته ومؤشراته ، وفي مستوى لغة الحوار ، وتشويه للنهج الديمقراطي في ممارسة العمل البرلماني باستنفاد الأدوات الدستورية، بما لا يتفق مع أحكام ونصوص الدستور الذي ارتضيناه حكما ومرجعا ، والنتيجة المؤلمة ، فقدان الثقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والتي لم ينجم عنها سوى التراجع في بلوغ الغايات التنموية المنشودة . الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر إن وضوح المادة ( 50 ) من الدستور وما نصت عليه من الفصل بين السلطات مع تعاونها ، وكذلك القسم العظيم الذي قطعتموه على أنفسكم ، يشكلان الأساس المتين والمنهج العملي السليم ، الذي يحكم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ويكفل توجيه سفينتنا نحو بر الأمان ، وتحقيق الإنجازات لوطننا ، والارتقاء إلى آمال المواطنين وطموحاتهم . الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر لا شك أن الحكومة مدعوة للعمل الجاد الدؤوب لتنفيذ برنامج عملها كما هو مجلس الأمة مطالب بتوفير مقومات الاستقرار والهدوء والحكمة لتحقيق الإنجاز المنشود . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
|
||
اطبع هذه الصفحة |