كلمة سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد الجابر الصباح بمناسبة زيارة رئيس بلدية جنيف لدولة الكويت | ||
14 نوفمبر 2016 | ||
كلمة سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد الجابر الصباح بمناسبة زيارة رئيس بلدية جنيف لدولة الكويت حضرة السيّد غيوم بارازون، عمدة مدينة جنيف يسعدني أن أرحب بضيفنا العزيز السيد غيوم بارازون، عمدة مدينة جنيف والوفد المرافق له،الذين يزورون الكويت بدعوة رسمية، حيث تأتي زيارتهم في إطار الاحتفال بمرور خمسين عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين الكويت وسويسرا؛ إلاّ أن علاقاتنا التجارية بدأت قبل هذا التاريخ بكثير. ففي القرن التاسع عشر، كان تجارالكويت يصدّرون اللؤلؤ الثمين إلى الأسواق السويسرية، وفي الخمسينيات من القرن الماضي، ساهم تجارالكويت بفتح أسواق الخليج أمام المنتجات السويسرية، وفي الستينيات شرعت الكويت في توطيد علاقاتها الدبلوماسية مع سويسرا، إذ كنت أول دبلوماسي كويتي تمّ تعيينه عام 1966 قنصلاً عاماً للاتحاد السويسري حيث كان مقرّي في جنيف، كما تمّ تعييني مندوباً دائماً للمكتب الأوروبي للأمم المتحدة، خاصّة وأنني اكتسبت ثقافتي من مدينتكم، فقد درست وتخرجت من جامعة جنيف العريقة التي تأسّست عام 1559.وإبان فترة عملي في سويسرا، ساهمت خبرة الشركات السويسرية في المجال التقني بمشروعات إنشاء البنية التحتية الكويتية،مما حفّز الجانب السويسري على افتتاح سفارة في الكويت عام 1975 . حضرات السيّدات والسادة، لم تكن العلاقة الدبلوماسية بين بلدينا متينة وقوية فحسب، بل صارت سويسرا من أهم البلدان التي يفضلها رجال الأعمال الكويتيين، وبالأخص جنيف، لما توفّره من بيئة مالية آمنة، وقضاء نزيه وعادل، مما جعلها لأكثر من مائة عام، واحدة من الأماكن المفضلة لاستضافة التحكيم الدولي. وعادة ماتحتل المدن السويسرية المرتبة الأولى أو الثانية من بين الأماكن الأكثر ملائمة في العالم، لهذا النوع من التحكيم، وفق تقديرات الغرفة العالمية للتجارة ICC . ولهذا السبب تمّ اختيارمدينة لوزان لتكون مقرّ محكمة التحكيم الرياضية (TAS) . كما أنّ هذه البيئة النزيهة هي التي جعلت سويسرا تحتضن 30% من اجمالي الأصول العابرة للحدود في العالم. فوفق تصنيف مؤسسة «بوسطن كونسالتينج جروب» الأميركيةThe Boston Consulting Group ، فإن سويسرا تحتل المرتبة الأولى عالمياً في استضافة الثروات الأجنبية، إذ يوجد فيها ما يزيد عن 2.2 تريليون دولار. وفوق كل هذا، فإن سويسرا يفضلها السواح الكويتيون، فالطبيعة الخلابة، والمدن العريقة الرائقة، ونمط الحياة الراقي، والأسواق الفخمة، كل ذلك جعل أعداد الكويتيين الذي نيزورون سويسرا تتزايد، حتى وصلت الى مايقارب 40 ألف زائر في السنوات الأخيرة. وهنا، لا بدّ من الملاحظة أن عدداً كبيراً من السيّاح المسلمين لم يعد يقطع إجازته الصيفة ليعود إلى بلده في شهر رمضان المبارك، وذلك بفضل سياسة احترام الأديان التي تميّز بلدكم الكريم، لاسيّما أن معظم الفنادق السويسرية قامت في السنوات الأخيرة بتخصيص غرفة للصلاة لضيوفهم المسلمين وبدأوا بتقديمالإفطارات الرمضانية التي تبدأ بعد غروب الشمس ووجبات السحور التي تُقدّم قبل طلوع الشمس. وهذا كله يعكس نوعية العلاقة المميّزة بين الشعبين الصديقين . لقد شهدت علاقاتنا الدبلوماسية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، تجلّت بالزيارات المتبادلة بين المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين، وبتوقيع الاتفاقيات التي تعكس تفاهماً جيداً بين الطرفين في العديد من القضايا. وأنا شخصياً أعتز بالزيارة الرسمية التي قمت بها إلى مدينة بيرن عام 2011، حيث التقيت بالسيدة رئيسة الاتحاد السويسري، كما أسعدني القيام بزيارة البرلمان السويسري ولقاء رئيسه، والتقيت كذلك عمدة مدينة بيرن. ولا تزال العلاقات بين البلدين الصديقين تشهد تعاوناً مستمراً على مختلف الأصعدة، ولعل الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع الحكومة السويسرية في السنوات الأخيرة في المجالات المالية والقانونية والسياسية تعكس التفاهم الجيّد بين الطرفين، وهو ما نعوّل عليه في استكمال مسيرة هذه العلاقات المتميزة على مختلف الصعد . نحن في الكويت لاننسى مواقف أصدقائنا إزاء عدو ان صدام حسين على الكويت عام 1990. إننا لاننسى موقف بلدكم المؤيد للكويت أثناء أزمتها، وتفاعلكم مع شعبنا في محنته، من خلال مطالبتكم المستمرة بضرورة تطبيق القوانين والمواثيق الدولية وانهاء العدوان، ولاننسى موقف سويسرا ولا كيف تفاعلت مدينة جنيف مع معاناتنا إبان غزوصدّام حسين، عندما فتحت مدارسها لأبنائنا، وقدمت خدماتها لكل الكويتيين المقيمين على أراضيها بالمجان. كما لاننسى كذلك موقف الحكومة السويسرية من قضية الأسرى والمفقودين، من خلال جهودها التي بذلتها داخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر . |
||
اطبع هذه الصفحة |